Wednesday 23 February 2011

زايد.. تاريخ إنسان وحضارة وطن


رحل الشيخ زايد طيب الله ثراه عن دنيانا لكنه بقي في كل قلب في كل نبض في كل زاوية من زوايا الوطن . ألم يشاهد الناس الشوارع ذلك اليوم حزينة كئيبة خفتت أضواؤها وتصاعدت أنفاس اللوعة فيها واتشحت بالسواد ونكست الأعلام.. بنى زايد الخير الإمارات ليبقى فيها ما بقيت الحياة وليظل في عيون الإماراتيين أينما ولوا أنظارهم .

يصادف الثاني من نوفمبر الذكرى لرحيل قائدنا ووالدنا ومعلمنا وبهذه المناسبة تواصلت الصحافة مع ذاكرة رجال عاصروا مراحل التكوين الأولى التي بدأت على يدي المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ببعد نظره وحكمته خطط بعصاه مدنا على الرمال لنراها بعد فترة قياسية حقائق متجسدة في دولة هي اليوم مفخرة لكل العرب .ونقابل بكل تقدير ومودة ووفاء في هذه المناسبة أولئك الرواد لنسجل حقيقة «زايد .. تاريخ إنسان وحضارة وطن» من خلال لقاء أقرب الناس إليه والاستماع إليهم مباشرة وهم يتحدثون عن ذكراه العطرة وتجاربهم مع القائد والمعلم والأخ وبذلك تظل ذاكرة الأمة حية مشرقة وتمتد الجسور الحميمة الراسخة بين الأجيال.

لا زال يواصل سالم بن إبراهيم السامان ذكرى تلك الأيام قائلا: في ذلك الوقت لم يكن لي بيت فأمر الشيخ شخبوط بمنحي قطعة أرض بعدها غير رأيه .. وقال لي: أريد منك تكون جاري وقريبا مني وحدد لي أرضا جنوب قصر الحصن وشاءت الظروف ولم استلم الأرض .. وفي ذلك الوقت بلغ إلى مسمعي أن المرحوم بطي عبيد العجماني لديه رغبة ببيع منزله .. فطلبت من المرحوم احمد بن سرحان الوساطة عند الشيخ شخبوط رغبة منى في شراء البيت وعندما وصله العلم أمر بكتابة ورقة لي، يذكر فيها تفاصيل المنزل وثمنه كان وقتها 27 ألف درهم وتسلمتها فورا على الرغم من أن التمليك كان صعبا جدا ذاك الوقت .

وما زلت احتفظ بهذا المستند حتى يومنا هذا وكاتبه ما زال حيا يرزق هو غباش بن حميد بن صقر المري والشاهد الأول محمد بن حارب العتيبة والشاهد الثاني هو ثاني بن مرشد والثالث أحمد بن سرحان والتوقيع والإمضاء للشيخ شخبوط بن سلطان وهذا المستند أعتز به كثيرا. وتابع: استقريت بهذا المنزل واشتغلت بالتجارة واشتركت مع بن فطيم بالإضافة إلى شغل «اللنش» وكنت حريصا على أن يكون دخله للأهل برأس الخيمة خاصة أنه كان لدي وظيفتي واستلم منها ثلاثمائة وخمسين روبية.

وأضاف: قبل تولي المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم في أبوظبي بدأ يقصدني ويجلس معي في محلي الذي كان موجودا في بناية المرحوم سلطان بن مطر الحلامي داخل السوق على البحر وكانت تجارتي عبارة عن أثاث المنازل والمكاتب ومعظم اللوازم التي يحتاجها الشيوخ وساعات «الرولكس» التي أحضرها من عند احمد صديقي وأولاده في دبي وبشوت وشنط العود ما كان له طيب الأثر في زيادة الرابط بيني وبين الشيوخ ومنهم الشيخ زايد والمرحوم خالد بن سلطان آل نهيان والشيخ سعيد بن شخبوط ومبارك بن محمد وسرور بن محمد وحمدان بن محمد والذي كان مكتبه على البحر في هذه البناية أيضا .

يسترجع السامان أحداثا وأياما جميلة مضت ولن تعود طالبا المغفرة والعفو لمن توفاه الله والصحة والعمر المديد لمن لا يزال على قيد الحياة .. يتذكر الهاتف أبو قرص ويتذكر صوته المزعج ويتذكر عندما يتصل بأحد الأشخاص ويجد الخط مشغولا أنه لا مفر من إعادة الرقم بالكامل لأن هواتف ذلك الزمن لا توجد بها خاصية إعادة الرقم قائلا:
قبل أن يتولى الشيخ زايد مقاليد الحكم كان يحضر من العين ويقيم في أبوظبي ثلاثة أشهر أو شهرين وفي وقت فراغه يحضر مع أصدقائه ومرافقيه ويجلس معي ثلاث مرات في الأسبوع إذا لم يكن لديه ارتباطات ضرورية .

وأضاف السامان «أتذكر تماما وهو جالس عندي كان يواصل بعض أعماله وفي بعض الأحيان يأمرني أن أتصل ببعض الأشخاص هاتفيا من أجل إنهاء بعض أمور العمل وفي ذلك الوقت الهواتف كانت قليلة ومن قلة عددها كانت أرقام الهواتف مكونة من ثلاثة أرقام وما زلت أتذكر أن رقم محلي كان 347».

وتابع «من يوم حكم زايد لم يحضر لي بل أنا اذهب له بالأمر والطاعة في قصر الحصن» . وقال «في ذلك الوقت كنت دائم التردد على الشيخ حمدان بن محمد آل نهيان وكذلك على الشيخ سرور بن محمد في مقره بالخالدية وكان وقتها أستلم المحاكم وكان مقر الشيخ حمدان في المبنى المخصص للشيخ زايد عندما أسندت إليه دائرة المالية على كورنيش أبوظبي مقابل النافورة الموجودة حاليا على البحر بجانب جهاز أبو ظبي للاستثمار الحالي».

يتذكر السامان تلك الأحداث الجليلة قائلا «سيكتب التاريخ بخطوط من ذهب أن الشيخ زايد عندما تولى سدة الحكم في أبوظبي لم يكن يملك منزلا خاصا به».

البحث عن زايد
وأردف قائلا «جرت العادة في ذلك الوقت أن نبحث عن الشيخ زايد في كذا مكان من أجل مقابلته لأنه لا يملك منزلا خاصا به».
وتابع: عندما كنت أريده في أمر ما أبحث عنه في كذا منزل من المنازل التي تعود الإقامة فيها وأتذكر أنه في صبيحة السادس من أغسطس عام 1966 وهو يوم استلام الشيخ زايد سدة الحكم في أبوظبي كنت قاصده للمنزل في أمر مهم لأطلعه عليه وعلى حد معرفتي أنه كان قبل سفره للعين مقيما في منزل سعيد بن شخبوط وفي طريقي قابلت سهيل بن مبارك فسألته عن الشيخ زايد والمكان الموجود به حاليا .. فقال لي «على حد علمي بعد رجوعه من السفر يقيم في بيت سعيد بن سرور على البحر وما زال هناك».

ويستكمل حديثه عن المرحوم الشيخ زايد وكيف أستلم مقاليد الحكم قائلا: إلا أن سهيل بن مبارك أخبرني في تلك اللحظة أن الشيخ زايد غير موجود في المنزل وإنما ذهب لمكتب الشيخ مبارك في المديرية ليستلم مقاليد الحكم بحضور الشيخ حمدان وخلف احمد العتيبة .

وأضاف: في الساعة الخامسة من مساء يوم السادس من أغسطس عام 1966 ذهبت للسلام على الشيخ زايد لأبارك له استلامه مقاليد الحكم بعد أن دخلت القصر والمجلس وجدت على يمينه القائد البريطاني وعرفه علي ثم أمسك بيدي وكلفني الشيخ زايد باستلام قصر الضيافة مشددا على أهمية تأثيثه وتجهيزه بسرعة انتظارا لوصول الوفود التي ستصل للبلاد غدا صباحا من أجل أن تبارك للشيخ زايد استلامه سدة الحكم وأمرني الشيخ زايد حينها قائلا «اذهب واعمل أعلام لأبوظبي».. منوها إلى أنه قبل قيام الاتحاد كان لكل إمارة علمها الخاص بما فيها أبوظبي.

وقال «بعد ان رتبت هذه الأمور انضم لي بعد ساعات بأمر من الشيخ زايد المرحوم خالد بن بطي القبيسي».يواصل السامان حديثه: أذكر في صباح اليوم التالي كان كل شيء على ما يرام بعد أن تمكنا من خياطة وتجهيز الاعلام ليلا.

وفي الصباح كان المرحوم الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي أول المهنئين وكذلك حضر حكام الإمارات وبدأت الوفود من أنحاء الإمارات والخليج بالتوافد للتهنئة والمباركة وأذكر أنه عند وصول صاحب السمو الشيخ راشد بن أحمد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين أمرت بمرافقة سموه حيث كانت الأوامر تأتينا من الشيخ زايد رحمه الله.

وأضاف: بعد الانتهاء من استقبال ووداع ضيوف البلاد هلت علينا أفواج من الشحوح والبدوان فوج يحضر وفوج يذهب وأذكر هذا كان في شهر أغسطس وكانت عائلتي يومها برأس الخيمة ما اضطرني من شدة الزحمة استضافة أفواج منهم في بيتي الخاص وأذكر ان طعام الغداء كان يأتيهم من القصر فيتناولون طعام الغداء ويرتاحون.

وبعد ذلك بحوالي ساعتين يأتي احمد محمد المحمود محضرا معه الشرهة «هي مبلغ من المال يصرف للزائر وعائلته» والشرهة عبارة عن مبلغ مالي يصرف كهبة أمر بها الشيخ زايد للمواطنين بصفة عامة تعينهم على متطلبات الحياة وتصرف سنويا بناء على بطاقات خاصة تصدر عن الدائرة الخاصة لسمو رئيس الدولة واعتاد المواطنون من مختلف أنحاء الدولة الذهاب إلى أبوظبي للحصول عليها كي تعينهم على تكاليف الحياة .

وكانت عبارة عن موسم فرح سنوي للأهالي وتمثل لهم الشيء الكثير وتدخل السعادة على قلوبهم والفرح والسرور على أهلهم ويحرصون على الذهاب لصرفها أما فرادى أو في جماعات خاصة اذا قدموا من المناطق النائية. والشرهة في تلك الأيام قبل حكم زايد كانت 25 روبية لكل فرد بعدها زادت لتصل إلى 30 روبية ولكن عندما حكم الشيخ زايد مباشرة رفعها إلى 200 روبية لكل فرد واذكر في تلك الأيام جميع من حضر للقصر أخذ شرهته. والتي كانت تبلغ 200 روبية وبعد الانتهاء من توزيع الشرهة والانتهاء من استقبال الضيوف اذكر أن الشيخ زايد زاد مبلغها إلى 400 درهم لكل من حضر بعد ذلك الوقت حتى عم الخير على الجميع حيث كان هذا المبلغ في وقتها مبلغا كبيرا جدا وتستطيع أي عائلة تدبير أمورها به لمدة سنة كاملة .

بناء الوطن
وتابع: بناء المواطن كان شغله الشاغل منذ بداية حكمه حيث كان يشدد دائما على ان سعادة وراحة المواطن هما الهدف الحقيقي الذي ينشده ويسعى إليه لذلك كان دائم السؤال عن أحوال المواطنين وما يحتاجونه، ووفر جميع احتياجات ومتطلبات المواطن والمقيم على أرض الإمارات . وأردف قائلا «اهتم الشيخ زايد بأدق الأمور وأذكر عندما تولى الشيخ زايد مقاليد الحكم في إمارة أبو ظبي كلفني سموه شخصيا بمتابعة أمور القبائل والإشراف على أحوالهم وتفقدهم وخاصة أهل جزيرة الزعاب والمرازيق وبني حماد وآل علي والحواسنة وآل بشر».

وبخصوص الشيء الذي تعلمه من الشيخ زايد ولن ينساه أبدا .. قال «تعلمت أشياء كثيرة لأن الشيخ زايد مدرسة كبيرة جدا ولم يتعلم منه السامان وحدة بل تعلمت منه دولة كاملة ولا أبالغ لو قلت تعلمت منه دول وشعوب تعلمنا منه كيف يكون الأدب والاحترام وأذكر أحد الأيام كنت خارجا من المجلس الوطني الاستشاري وصادف مروره من هناك فذهبت لكي أسلم عليه وعندما وصلت عنده وبدأت أمد يدي لمصافحته بادرني هو ومد يده ورفع النظارة من على عيني».

وقال «عندما تسلم علينا شل النظارة وبعد أن تسلم علينا ألبسها مرة أخرى».وتابع «كون الشيخ زايد منهجا خاصا في الحياة والعمل نهلنا من معينه الكثير وسيبقى حاضرا فينا». وأضاف «هكذا تعلمنا من زايد الأدب والاحترام والحكمة وحسن السلوك وروح الدعابة والصراحة وحسن المعشر وطيب النفس».يتطرق السامان في حديثه إلى التغيير الذي حدث على يد المغفور له الشيخ زايد ويقول: شمل التغيير والتطور كل شيء.

وأضاف: في البداية لم يكن التنظيم سوى اجتهادات فردية وضم موظفي علاقات عامة وكان لدى سموه رغبة في تنظيم الاستقبالات والضيوف والزوار من أجل إنشاء دولة حديثة في كل شيء وأدرك سموه من خلال نظرته الثاقبة أن هذا القسم من الأقسام الهامة لأنه حلقة الوصل بين الدول كونه يهتم بأمور الاستقبال والوداع خاصة في دولة تنتقل من نظام قبلي إلى نظام دولة .. مشيرا إلى أن زايد أمر بعمل هيكل لهذا القسم وعين موظفين وتم تدريبهم وأصبحت المهمة تتم بسهولة ويسر .

عهد جديد
ومضى يقول «هكذا دخلنا في عهد جديد من التنظيم وعرفنا البروتوكول وبالطبع كانت هناك صعوبات جمة لأن الناس تريد أن تحضر من كل مكان وفي كل زمان وبالتالي يحدث تزاحم بين الموجودين إلا أن الأمور في عهد الشيخ زايد بدأت تمضي نحو التنظيم».
وأضاف: في هذا الخصوص أذكر أن المرحوم الملك حسين بن طلال زار أبوظبي في فبراير من العام 1967 وتمت الزيارة وفق بروتوكول رئاسي واضح وربما كان من شدة الترتيب غريب علينا هذا الأمر حيث ذهبنا لاستقباله في المطار وكان على رأس مستقبليه في أرض المطار الشيخ زايد ومن خلال هذه الزيارة عرفنا أشياء جديدة مثل الموائد الرسمية .

حيث قامت شركة «كات» بتحضير وترتيب المائدة لضيف البلاد الكبير ودهشنا بحفاوة التكريم ودقة التنظيم بدءا من بطاقة الدعوة التي اشترطوا بها الحضور بالبشت وكتب عليها رقم المقعد على طاولة العشاء وفي اليوم التالي قام الشيخ زايد باصطحاب ضيفه في زيارة لمدينة العين زارا خلالها عددا من الأماكن والمعالم نالت شكر وثناء ضيف البلاد . يتذكر السامان تلك الأحداث ويواصل حديثه من القلب عن حلاوتها والمتابع له وهو يتحدث يلحظ السعادة على وجهه قائلا: بعد الانتهاء من استقبالي للوفود الرسمية والشعبية وهدوء الأمور .. قال لي الشيخ زايد «تعال سالم خبرني أنت شو تريد تشتغل بالحكومة أم بالتجارة؟».. فقلت له «طويل العمر أنا تاجر وأحب التجارة والعمل بها ولكن لا استغني عن الشيوخ وأوامر الشيوخ ومساعدتهم».. فأشار علي بالاستمرار في عملي التجاري وان لا أعمل شيئا إلا بالرجوع له ومشاورته .. فقلت له «إن شاء الله طال عمرك».

وأشار السامان إلى أنه قبل حكم الشيخ زايد لم نعرف بشيء يسمى وزارات وإنما توجد دوائر وفي شهر يونيو عام 1966 قبل حكم الشيخ زايد وزعت الحقائب وطبعا كان المرحوم الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكما لأبوظبي ونائب الحاكم الشيخ خالد بن سلطان آل نهيان، ورئيس المالية المرحوم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والداخلية والأمن العام . والتي تحول اسمها فيما بعد إلى المديرية العامة رئيسها الشيخ مبارك بن محمد آل نهيان، ودائرة البلدية ودائرة الدفاع يرأسها الشيخ سلطان بن شخبوط آل نهيان، دائرة الصحة والمعارف والأشغال العامة والكهرباء رئيسها المرحوم الشيخ حمدان بن محمد آل نهيان، ودائرة الموانئ والجمارك الشيخ محمد بن خالد آل نهيان ودائرة المحاكم يرأسها سعيد بن شخبوط . تابع السامان: عندما تولى الشيخ زايد الحكم شكلت دوائر حكومية ووزعت الحقائب بطريقة موضوعية وحضارية فأحس الشعب بالتغيير وشعر الجميع بإصرار زايد على المضي نحو عمل مزيد من الإنجازات وبقدرته وحنكته في قيادة الدولة بهدوء نحو بر الأمان .

وأضاف: في عهد الشيخ زايد وبعد الاتحاد سميت الوزارات ووزعت الحقائب وتولى سرور بن محمد آل نهيان المحاكم، والصحة سيف بن محمد آل نهيان والموانئ محمد بن خالد آل نهيان .. وأردف قائلا «بعد فترة من الزمن حوالي سنتين عين الشيخ خليفة بن زايد وليا للعهد أوائل 1969 في شهر مارس».

وبخصوص ترتيب أمور الحكم والشعب .. أضاف السامان «في بداية حكم الشيخ زايد كان سكرتيره هو أحمد العبيدلي وهو الذي رافقه إلى لندن ورجع معه ونظم عمل الشيخ زايد ومواعيده والبرزة حيث حدد موعد بدئها الساعة التاسعة صباحا».
وتابع «كنا نتناول طعام الإفطار مع الشيخ زايد ويجلس معنا حوالي ساعة أو ساعة ونصف بعدها يدخل للمكتب ونحن موجودين نتلقى أوامره ولا ننصرف إلا بأمره سواء أنا أو عبد الجليل الفهيم وداود السكسك أما يأذن لنا بالانصراف أو يأمرنا بالانتظار لأن كل واحد منا كان له مهمة محددة يعرفها جيدا».

ويؤكد السامان أن مجلسه يومي ومن كان لديه قضية أو مشكلة من الأهالي يجلس أمامه في البرزة ويشرحها للشيخ زايد فيبت فيها فتحل فورا سواء كان هذا الشخص يريد بيتا أو مساعدة بالإضافة إلى أننا نناقش في البرزة أمورا عامة في ذلك الوقت مثل أمور التجارة والتجار والرخص التجارية والأشخاص والمراجعين والأمور التي كانت تتطلب مراجعة الحاكم .. مشيرا إلى أن وصول الأهالي أو الزائرين إلى الشيخ زايد كان أمرا في غاية السهولة . ويستحضر قول زايد رحمه الله «نحن نرجو من الله أن يجعلنا دائما سندا لكل مظلوم إن صاحب أي شكوى يستطيع أن يقابلني في أي وقت ويحدثني عن مظلمته مباشرة».

الــــسامان: شـــيخ الساعاتْ


«الوقت من ذهب» مقولة نجحت مجوهرات المنارة في ترجمتها حقيقة على أرض الواقع من خلال خبرتها التي تزيد أعواماً في عالم قياس الوقت والزمن، والتي أهلتها للفوز بوكالات حصرية في أبوظبي لعدد من السنين وأفخم المجوهرات مثل «رولكس» و«كارتييه» و«باتيك فيليب» و«شوبارد» وغيرها.

تحتل مجوهرات المنارة الرقم واحد على مستوى الخليج, خصوصاً في دولة الإمارات العربية، هكذا بدأ سعادة السيد سالم إبراهيم السامان حديثه إلى «الوسط» بمناسبة مشاركة مجوهرات المنارة للمرة الثالثة في معرض الجواهر العربية إذ تحتل الصدارة في معروضاتها هذا العام.

الدعوة مفتوحة لكل من يعشق الفن والجمال والإبداع أن يقوم بزيارة المحلات الخاصة بالمنارة، لكي يكتشف سيمفونية المجوهرات التي تؤكد الذوق المرهف والإحساس العميق والتقنية المتطورة، القادرة على صياغة تشكيلات رائعة من الذهب والألماس.

ويكمل السامان حديثه قائلا: «نحن نمتلك فروعاً كثيرة في أماكن متفرقة، لدينا فروع في دبي والشارقة، عمان، مسقط والدوحة، ونعمل على التوسع أكثر، فالمنارة استطاعت منذ نشأتها العام 1973 أن تحصل على شهادات ملكية، وتعرض أشهر الماركات العالمية، والمنارة هي الوحيدة التي زارها 22 ملكة جمال».
تفتخر المنارة أيضا بأنها ضمت بين جناحيها اهم وأشهر الماركات العالمية من الساعات والمجوهرات نذكر منها بياجيه، بوم آن مارسييه، شوبارد، باتيك فيليب، هاري ونستون، بوشرون... هوبولت... تاغ هوير... كريستيان ديور... والكثير الكثير من الماركات الأخرى.

ومن أجل راحة العميل قامت المنارة بافتتاح الكثير من البوتيكات المتخصصة لكل ماركة على حدة، وكذلك تقوم المنارة للمجوهرات بالتصميم بحسب رغبات الزبائن بما فيه أطقم المجوهرات الفاخرة، الأقراط، الأساور وجميع المصوغات الذهبية والماسية، على أيدي صناع مهرة، وخبراء عالميين في عالم الذهب والألماس والأحجار الكريمة من اميركا وايطاليا والدول الأوربية.

ســـالم السامان و حاكـــم الفجـــيرة


في اواخر سنة 2010 استقبل صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، بقصر سموه بالرميلة، رجل الأعمال سالم بن إبراهيم السامان الذي قدم لسموه النسخة الذهبية من كتاب دفتر العمر الجزء الأول، والذي يتضمن مسيرة نصف قرن من العطاء وسيرة ذاتية تربطه بالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأصحاب السمو الشيوخ وكبار المسؤولين والذي اعتبر ذاكرة وطن، وقدم للكتاب الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي .

وثمن صاحب السمو حاكم الفجيرة الجهود المبذولة لإنجاز هذا الكتاب المهم الذي يعتبر مرجعاً مهماً للأجيال تنهل من معين التجربة ومداد الخبرة الطويلة في المسؤولية والتجارة والاقتصاد والخبرة العملية في الحياة . وتمنى سموه لسالم السامان موفور الصحة والعطاء في مجال الفكر والقلم خاصة في ما يتعلق بالجزء الثاني من الكتاب الذي يتوقع صدوره بداية العام المقبل .

حضر المقابلة الشيخ صالح بن محمد الشرقي رئيس دائرة الصناعة والاقتصاد بالفجيرة، والشيخ مكتوم بن حمد بن محمد الشرقي، ومحمد سعيد الظنحاني مدير الديوان الأميري، والدكتور وليد السعدي رئيس تحرير مجلة المنارة، وعدد من المسؤولين .      

Tuesday 22 February 2011

تــحدي اهوال البحار



سالم السامان يروي مغادرة أهوال البحر والانخراط في أعمال البر



كان قرار الرحيل من رأس الخيمة أمراً لابد منه، ولكن حتى يحين موعد المغادرة كان على سالم إبراهيم السامان أن يواصل عمله ونشاطه خلال سفره بحرا للتجارة، وفي تلك الأثناء طلبت منه والدته التفكير في الزواج، فلم يمانع وطلب منها البحث عن عروسة على أن تكون من العائلات المعروفة، وأثناء وجوده في جزيرة (مغوة) وهي بلدة إيرانية سكانها من العرب. وكانت تسكن تلك المدن عائلات مثل المرازيق وآل علي وبني حماد والبشر والمناصير والحواسنة والعبادلة وكانت الأغلبية منهم حكاما للمناطق، وحاكم مغوه الشيخ سلطان المرزوقي وهو من أصدقاء والده وطلب منه أن يرافقه مع مجموعة من الأصدقاء في رحله بحرية وكان من بين الموجودين رجل دوله يسمى كوجك علي وعندما عرف أنه يبحث عن عروس عرض عليه الزواج من بنت أخ الشيخ سلطان المرزوقي، وتم الزواج بعد موافقة والدته، وأستمر في تجارته يتنقل من والي ساحل إيران.

يقول السامان "تركت رأس الخيمة بعد وفاه والدي واثر وشاية جعلتني لا أحتمل البقاء، واتجهت إلى العيش في أبوظبي، وقد شكلت تلك الرحلة منعطفاً هاماً في حياتي ونقلتني من أعمال وأهوال البحر إلى أعمال الاستقرار في البر، وكانت محطة الانطلاق من دبي، ورافقني في تلك الرحلة الميمونة إلى أبوظبي في 18/1/1961م ابن عمي علي بن سعيد بن توير وهو المتزوج من أختي فاطمة والأخ عبيد بن سعيد، وسالم بن محمد بن سالم صاحب السيارة التي أقلتنا في هذه الرحلة، وفي طريق حدده السائق بخبرته ودرايته، وفي سيارة ذات دفع رباعي من مخلفات الحرب العالمية الثانية من نوع لاندروفر."

"بيوت من السعف والطين.... سرنا في طريق صحراوي، مليء بالكثبان الرملية، فلم تكن هناك طرق من أطراف الجزيرة إلى المدينة، وكان هناك معبر مرتفع قليلا عن المقطع مصنوع من الحجر والطين، ومرتفع قليلا فوق منسوب المياه حتى تتمكن السيارات والجمال من عبور القناة. عادة ما ينتظر الناس أو المارة بهذا المقطع حتى يتراجع مد البحر قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى الجزيرة من البر ومازال برج الحراسة الذي كان يستخدم لمراقبه القناة قائما في مكانه بعد أن تم تجديده بالكامل حيث بني جسر المقطع وأفتتح عام 1968م. وصلت أبوظبي ووجدت البيوت عبارة عن طين وسعف النخيل وقريبة من البحر ومن قصر الحاكم آنذاك (قصر الحصن)، ولا توجد طرقات وعدد محدود جدا من السيارات العسكرية والمدنية ذات الدفع الرباعي."

"في صباح اليوم التالي قمنا بزيارة الشيخ شخبوط وكان عائدا من زيارة والدته الشيخة سلامة كما يفعل يومياً، وصافحنا بكل احترام وسألنا ان كنا نريد البقاء في أبوظبي؟ وسألنا عن طلباتنا حتى يلبيها لنا؟ فطلبنا جوازات سفر تمكنا من السفر الى اي مكان والعودة الى أبوظبي. وبالفعل حصلت علي أول جواز سفر من أبوظبي 19/1/1961م. وكذلك تابعية السفن التي يحق لنا بموجبها تغيير علم السفينة الى علم حكومة أبوظبي الأحمر والأبيض. ويواصل السامان بدأت في أبوظبي موظفاً بسيطاً عند ماجد الفطيم براتب 350 روبية على أن أكون شريكاً معه فيما بعد وكنا قد اتفقنا علي ذلك في دبي، واستأجرت مزيدا من المحلات وعملنا في السيارات، وعندما أخبرت ماجد الفطيم فزاد معاشي الى 500 روبية، وعندما أتى الى أبوظبي أعجبته المحلات كثيرا فرفع مصاريفي الشهرية الى 750 روبية، وكنت أدون المبيعات يوما بيوم، فلم يكن لدي محاسبون أو موظفون."

"وفي المكان الجديد قمنا بعرض مستلزمات الحمامات من سيراميك وطقم حمام واحد، وكنا أول من عرضها وصادف أن مر بنا الشيخ سلطان بن شخبوط حيث أعجبته فكرة الحمامات فاشتراها على الفور، وتنوعت التجارة الى جميع احتياجات المكاتب حتى وصلنا الى السيارات وكانت تتم بناء على الطلبات."

"ومرت سنة وشعرت أن هذا العمل لا يتناسب معي فلم أعتد على أن أكون موظفا يوما، فقررت السفر الى دبي للتباحث مع الأخ ماجد الفطيم في أمر المحلات التي أديرها في أبوظبي وأنني أريد ان أكون شريكا فعليا في هذه المحلات، لكنه لم يوافق فقدمت استقالتي على الفور."

شجرة واحدة

"وكنت وقتها قد اقترضت من البنك العثماني 3200 روبية لبناء بيتي في فتره سفر الشيخ شخبوط خارج البلاد لعدة أشهر وكان وقتها قد تسلم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله زمام الأمور وقام الشيخ زايد غفر الله له بإعطاء تراخيص البناء للعديد من المواطنين بأبوظبي، ووقعت عقدا مع المقاول فؤاد نجيب ب13200 روبية لبناء البيت."

"وعندما عاد الشيخ شخبوط من رحله العلاج في الخارج وجد المدينة تغيرت فيها معالم كثيرة، منها ربط قصر الحصن أو قصر الحاكم بطريق مرصوف من الطين الصلب من وإلى المطار، وكذلك إلى البحر امتدادا حتى فندق الشاطئ قديما وفندق العين بالاس الحالي مرورا بقصر الضيافة وصولا إلى قصر الحصن."

"ولم تكن الحياة في أبوظبي أفضل حالا من الإمارات الأخرى، فلا توجد شوارع وكانت هناك شجرة واحدة في طريق الشيخ راشد، وعندما حكم الشيخ زايد أمر بتسويرها وضخ الماء إليها، وكان في طريق دبي أبوظبي 3 شجرات عند جبل علي."

"وكانت حرارة الصيف لا تطاق، أضافه الى الرطوبة وانعدام وسائل التكييف والكهرباء، أتذكر أنه كان في البيت شجرة نستظل بها من حرارة الشمس ونهرب إليها أحيانا من حشرة أصغر من النملة تسمى (الكت) هذه الصغيرة التي تدخل جسمك رغما عنك وتسلل بين ثيابك دون أن تدري وتشكل إزعاجا، أضافه إلى كل ما هو مزعج في هذا الطقس، وكنت أرسل الأهل والأولاد إلى رأس الخيمة هروبا من الحر كذلك لوجود مزرعة لا بأس بها فيها الكثير من النخيل والثلاجة التي تعمل على الكاز."

بشوت عربية وساعات رولكس

"ربطتني صداقه قويه مع الشيخ سعيد بن شخبوط وطلبت مشورته في العمل الجديد وهو إنني تلقيت عروضاً كثيرة من تجار أبوظبي وبراتب يصل الى 1000 روبية وسكن، فقال لي لا تتوظف والأفضل لك أن تعمل في عمل حر، وسنساعدك قدر الإمكان."

"في تلك الأثناء تعرفت علي المرحوم ناصر بن صالح لوتاه، وعرض علي العمل معه، فوافقت ولكن كشريك فعلي بالاسم والمردود، وبالفعل تم ذلك وكبرت تجارتنا في مجال الأثاث المكتبي والمنزلي وحاجيات الشيوخ من البشوت العربية والشامية وساعات الرولكس وكنا نجلبها من أحمد صديقي في دبي وكان العديد من الوجهاء يترددون على محلاتنا."

"وكانت الأسعار وقتها 320 روبية للبشت الواحد و850 درهما للساعة الرولكس."

"ذهبت لأداء مناسك الحج عام 1963م، وكان الشيوخ يؤدون فريضة الحج في نفس العام، وحدث أن زرت المغفور له الشيخ زايد في مجلسه في جدة وأكتظ المجلس بالزوار، وكان هناك مكان واحد بجواره، وإذا به ينادي علي ويدعوني لأجلس بجواره، وأثناء حديثي معه أمرني بأن أفتح محلا تجاريا في العين، فقلت له إن إيجار المحلات هناك مرتفع ويبلغ 2000 روبية وليس لدي القدرة على السداد الشهري، فقال سموه ما عليك، لكنني أريد أن تكون المحلات جاهزة قبل وصولي إلى العين، فقلت له أن شاء الله."

أبوظبي تغرق ثم تولد

"وبعد عودتي قمت بإنجاز مهمة فتح المحل في العين، وذهبت إلى أحد المصورين، حيث وجدت صورة للشيخ زايد بالألوان وهي نادرة وقتها وعلقتها في صدر المحل، وبعد عوده المغفور له الشيخ زايد من الحج الى العين، زارني في المحل ودخل المحل واستغرب كيف لونت تلك الصورة، وطلب مني أن أطبع أربع صور بنفس الجودة والألوان وبمقاسات أكبر، وبإطارات مزخرفة وجميلة وأحضرها لقصره في العين، والحقيقة أن المغفور له الشيخ زايد دعمني وساعدني كثيرا في حياتي العملية ووقف بجانبي في كل مراحل حياتي وهذا ما فعله أيضا مع كل أبناء شعبه حتى يستطيعوا أن يجابهوا الحياة ويصمدوا أمام الرياح العاتية، حيث كان الماضي شح العيش وفقر الحال عند أكثر الناس."

"وكنت أنهيت شراكتي مع بن لوتاه، وعشت عاما من منتصف 1963م إلى 1964م دون عمل، أراجع دفاتري وأفكر فيما العمل؟"

"وبدأت التنقل من أبوظبي إلى دبي وأحيانا رأس الخيمة كون الأهل هناك."

ويقول السامان في عام 1963م هبت رياح عاتية على أبوظبي وأمطار غزيرة أغرقتها، وتلك الرياح تأتي عادة عندما تتغير مواقع النجوم في السماء وهو ما يسمى غيوب الثريا والجوزاء أو الحمير..الخ، "واذكر أننا استيقظنا صباح اليوم التالي لنجد البيوت قد تخللتها المياه ووصلت إلى أغلب أجزاء الجزيرة، وخاصة أن أبوظبي لم تكن محمية بكواسر الأمواج كما هي اليوم، أو تصريف صحي للمياه والأمطار، وظلت هكذا عده أسابيع قبل أن تجف عنها المياه."

"وانتقلت بناء على طلب الشيخ زايد رحمه الله لممارسة تجارتي في العين، وتوسعت تجارتي في أبوظبي."

"وكنت أتابع عملي بإدارة محلاتي الخاصة بي في العين وأبوظبي."

"في أواخر عام 1964م دخلت الكهرباء أبوظبي وبدأنا عصرا جديدا كان أملنا فيه كبيرا."

"وعندما استلم الشيخ زايد رحمه الله الحكم في يوم السبت 6/8/1966م انتقلت أبوظبي الى عهد جديد من الإصلاح والتطوير وتحولت إلى ورشة إعمار وتحديث، وبدأت في الاستعانة بالعديد من الخبرات العربية والعالمية لعمليه بناء الإمارة فبدأت عمليات شق الطرق وأعمدة الإنارة والصرف الصحي والتشجير، وكنا أمام مدينة تولد من جديد، وتم أنشاء الميناء وبناء المطار."

============================

منشور في جريدة البيان